عبدالعالي الهاشمي
بعد سنتين تقريبا من الاشتغال و كما كان متوقعا منذ البداية حسب الدراسات التي أجريت من طرف مؤسسات متخصصة.البنوك التشاركية تفرض وجودها في السوق المالية المغربية بتحقيقها نسبة 10% كحصة من مجموع التمويلات العقارية،بحيث 1/10 من الزبناء يتجه نحو وكالات البنوك التشاركية التي وصلت 100وكالة تقريبا في كل أرجاء المملكة ،كما خلقت حوالي 1000منصب شغل جديد، ساهمت نسبيا في إعادة إحياء قطاع العقار والسيارات كذلك،بحيث بلغ إجمالي التمويلات 2.4 مليار درهم حتى الأشطر الأول من السنة الجارية ،مجموع الودائع يقدر ب 1.5مليار درهم ،الناتج البنكي الصافي المتوسط وصل ل5مليون درهم فقط،فيما عجز البنوك في المتوسط ناهز50 مليون درهم،ويبقى هذا أمر عادي بحكم أنها في بداية دورتها .
كل هذا في ظل جميع الإكراهات و التحديات التي تواجهها.
التمويل بالمرابحة :
غياب تأمين مطابق لطبيعة نشاط البنوك التشاركية والتأخير العالق في إطلاق تأمين التكافل الذي لازال في المراحل الأخيرة لإنجازه وفي انتظار التأشير له من طرف المؤسسات المختصة،لم يمنع الزبناء المعنيين الأولين بهذه التمويلات من وضع ثقتهم في بنوكهم رغم حداثة عهدها،بحيث أبانوا على حماس كبير ورغبة شديدة للمساهمة في النهوض بهذا القطاع وفي إنجاح هذه التجربة الفريدة من نوعها على مستوى منطقة شمال إفريقيا ،بحيث استطاعت في ظرف وجيز أن تلفت أنظار الخبراء المختصين في مختلف أنحاء العالم الذين عبروا عن إعجابهم وتشجيعهم للنموذج الذي تبناه المغرب منفتحا على مذاهب اخرى وعلى عدة تجارب رائدة.
وفي ظل هذا المناخ،حسب أرقام بنك المغرب ،بلغ حجم تمويلات العقار 2.4مليار درهم حتى الأشطر الأول من السنة الجارية .
حجم هذه الأخيرة كاد أن يكون أكبر لولا المشكل المتعلق بتمويل عقارات السكن الاقتصادي الذي يعرف طلب كبير عليه؛نظرا لعدة اعتبارات ماكرو اقتصادية.
بالنسبة لتمويل السيارات لم يصدر أي رقم رسمي
إلى حد الآن.
قطاع السيارات الذي يبقى أرضية خصبة جدا بحيث
أن نسبة التجهيز بسيارة لكل فرد في المغرب لاتتجاوز حدود 10%فيما نسبة التجهيز بسيارة تتراوح بين20%حتى 60% بالدول المتقدمة.
الحسابات :
عبر المواطنون المغاربة عن حماس كبير للتعامل مع البنوك التشاركية وعن رغبة جامحة للمساهمة في إنجاح هذه التجربة وبالتالي الإسهام في ضخ دينامية جديدة للاقتصاد الوطني ،بحيث طرق أبواب البنوك التشاركية حتى الأشطر الأول من السنة الجارية حوالي50000 زبون من مختلف الفئات.
هذا الأمر سيشجع بدون شك المسؤولين المعنيين على القيام باستثمارات أكبر وبذل أقصى الجهود لأجل ضمان جودة عالية وتقديم خدمات أفضل لدى الزبناء على متخلف فئاتهم و قدراتهم الشرائية.
وللتذكير فقط،حسابات البنوك التشاركية تطبعها مميزات بالمقارنة مع حسابات البنوك الكلاسيكية بحيث تتميز بانعدام تواريخ القيم التي تؤرق الشركات خاصة بحكم طبيعة عملياتها المالية مع الأبناك واعتمادها بشكل كبير على مختلف العروض التمويلية البنكية .
وتتميز كذلك بكونها غير مدينية،أي لاتظهر ارقام سلبية تحت الصفر. كما أنها مجانية عند بعض البنوك التشاركية الموجودة في السوق .
ودائع الزبناء :
في بداياتها كسرت البنوك التشاركية القاعدة العامة التي تميز القطاع البنكي ككل،بحيث وجدت نفسها في حالة مدينية،فقد فاق حجم التمويلات ،حجم الودائع التي توقفت عند رقم 1.5 مليار تقريبا، في حين التمويلات حددت في 2.4مليار درهم.
وهذا راجع إلى النواقص التي يعاني منها النظام البنكي التشاركية في غياب سوق مالية ونقدية،ثم عقود المضاربة اي حسابات الاستثمارات.
الصكوك:
لقد تصدرت عناوين الصحف الأسبوع الماضي. يمثل الإصدار الأول من الصكوك السيادية ، المقرر عقده يوم الجمعة 5 أكتوبر ، خطوة جديدة في تطوير صناعة التمويل التشاركي في المغرب. وستشمل العملية إصدار صكوك من نوع إيجارة بمبلغ مليار درهم. البرنامج ككل سيدور حول 10 مليار درهم.
وتعد الصكوك وسيلة استثمار يمكن أن تحقق عائدات تتماشى مع قناعات الأشخاص المهتمين بالاستثمار فيها”.
ا فاق رحبة:
في البلدان التي يتم فيها تمركز التمويل الإسلامي (التشاركي) ؛ الشركات الصغيرة والمتوسطة هي شريحة ذات أولوية وأهمية كبيرة،ويعد المغرب واحدا من هذه البلدان،بحيث نجد 32٪ من الشركات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ،تبتعد من الدائرة المصرفية التقليدية بسبب الافتقار إلى عروض متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
20.5٪ من الشركات المغربية الصغيرة والمتوسطة تعتبر أن تطبيق الشريعة الإسلامية لمعاملاتها المالية أمر هام جدا.
92.7٪ من الشركات المغربية الصغيرة والمتوسطة لها نية ورغبة في العمل مع البنوك المشاركة.
من 210 إلى 240 مليون دولار هي إمكانية التمويل التشاركي للمؤسسات المغربية الصغيرة والمتوسطة المقدرة اليوم.
معطيات بدلالات إقتصادية و إجتماعية مهمة جدا ،يبقى تحقيقها مرتبط و مشروط بإتمام النظام البنكي التشاركي .
في الأخير،كل هذه الآفاق داخل القطاع تبقى رهينة إرادة كل المتداخلين:مؤسسات تقنينية،مفكري وعلماألأمة،مستثمرين من جهة،وذلك من خلال تظافر كل الجهوذ وتوحيد جميع الطاقات والكافات للمضي قدما بالقطاع خاصة وللمساهمة في تطوير وتنمية الاقتصاد الوطني عامة.
ومن جهة أخرى، ينتظر البنوك التشاركية عمل كبيرخاصة على مستوى التواصل،وذلك بالتقرب أكثر للزبناء عبر جميع الوسائل الإعلامية المتاحة لنشر واسع لأبجديات المجال الذي يبقى جديد لدى العامة، وبالتالي دمقرطته ليشمل كل شرائح المجتمع كيفما كان مستواها العلمي والاجتماعي.
ثم بتاهيل تام للمواردالبشرية ومواكبتها حتى تكون عند مستوى تطلعات زبناءها،قادرة على الإجابة على كل أسئلتها ومتطلباتها.
ويبقى السوال المطروح ،هل تنجح البنوك التشاركية في التغلب على كل تلك التحديات ،وبالتالي تحقيق استقلاليتها التامة واستمراريتها في السنوات القادمة ؟